لم يكن أكثر المتفائلين ومناصرين ومشجعين منتخب الأردن أن يبدأ الأخير مباراته ضد كوريا الجنوبية في نصف نهائي كأس آسيا، بضغط عال وسيل من الهجمات أربك “الشمشون” وجعله يأخذ وقتا للدخول في أجواء المباراة.
منتخب الأردن
وبخطة 3-4-2-1، خاض المغربي حسين عموتة المنازلة التكتيكية مع الألماني يورغن كلينسمان الذي اعتمد أسلوبا هجوميا بخطة 4-3-3، واللافت أن المدربين اللذين واجها بعضهما البعض في دور المجموعات غيرا الرسمين التكتيكيين اللذين اعتمداهما في المباراة الأولى، فعموتة اعتمد 3-4-3 والألماني وضع خطة 4-4-2.
وأتت خطة عموتة أكلها سريعا، إذ لعب برأس حربة صريح هو يزن النعيمات وخلفه موسى التعمري ومحمود المرضي، ونقل “البلوك” الدفاعي إلى مناطق كوريا الجنوبية وبدأ الضغط على سون هيونغ مين وزملائه منذ الدقيقة الأولى من المباراة.
وضع كلينسمان خطة هجومية لإجبار منتخب الأردن على التراجع إلى الدفاع، ولكن حسابات المدرب الألماني لم تتفق مع مجريات مباراة ملعب “أحمد بن علي” المونديالي.
وانتهى الشوط الأول بالتعادل السلبي مع بذل لاعبي الأردن مجهودا بدنيا استثنائيا، وكانت جماهير النشامى في الملعب تتساءل عن إمكانية الاستمرار بتقديم هذا المجهود البدني وخاصة أن عموتة طلب من لاعبيه تضييق المساحات على الكوريين ومنعهم من بناء الهجمات من الخلف، ولكن هذا الطلب يحتاج مضاعفة المجهود البدني والفوز بالثنائيات أمام منتخب مهاري ولاعبوه ينشطون في أفضل الدوريات بالعالم.
ويبدأ الشوط الثاني بسيطرة للمنتخب الكوري الذي بدأ لاعبوه يفرضون نسقهم على المباراة، ولكن الضغط العالي على دفاع ضعيف (تلقى 9 أهداف في 6 مباريات) من موسى التعمري أثمر خطأ في إرجاع الكرة من “جاي سونغ” ليسير بها ويمررها متقنة باتجاه النعيمات الذي سددها لوب من فوق الحارس المتقدم مفتتحًا التسجيل للأردن.
ولكن لاعبي الأردن وبطلب من عموتة لم يرتدوا للدفاع بشكل كامل وأبقوا على الضغط العالي، وبدا أن الكوريين ومدربهم تائهون بعد أن سقطوا في “فخ” عموتة الفني وفقدانهم للسلاح الأساسي الذي يمتلكونه وهو السرعة والتمريرات القصيرة وإسقاط الكرات خلف مدافعي الخصم.
وفي خضم هذا “التوهان” نجح التعمري بعد مجهود فردي رائع جديد في تعزيز تقدم فريقه عندما سار بالكرة نحو 20 مترا مسددا من على مشارف المنطقة كرة بيسراه عجز الحارس الكوري عن التصدي لها
ومع بقاء 24 دقيقة على المباراة، كان لا بد من أن يعزز عموتة خط الدفاع للحفاظ على النتيجة ويخرج بالتأهل التاريخي، فعدل الخطة إلى 5-4-1، وتبادل التعمري والنعيمات مركز رأس الحربة وإيكال لهما مهمة إشغال الدفاع الكوري.
كل هذا يجري وكلينسمان لم يقم بأي ردة فعل، وبدا وكأنه مستسلم ومسلم بخسارته التكتيكية أمام عموتة، إذ لم ينجح بتغييراته في انتشال فريقه من الرمال المتحركة الأردنية والدفاع الذي لعب ببسالة ومنع لاعبي منتخب كوريا من التسديد ولو لمرة واحدة بين الخشبات الثلاث.
ويبدو أن كلينسمان كان يعول على العودة الدراماتيكية في النتيجة كما حصل 3 مرات سابقا أمام كل من الأردن (نفسه) والسعودية ثم أستراليا، ولكن الهدف الثاني للنشامى كان بمثابة الضربة القاضية على “كرة قدم الأموات الأحياء” الذي قدمها المدرب الألماني بحسب وصف وسائل الإعلام الكورية.
ويأتي هذا الوصف بسبب الطريقة التي استمر فيها المدرب الألماني بالعودة من بين الأموات، قبل أن يُدفَن نهائياً في نصف النهائي على يد الأردن الذي استحق الفوز عن جدارة، باعتراف كلينسمان نفسه.
وتشير الأرقام إلى أن عموتة ترك الاستحواذ “السلبي” لأبناء كلينسمان (70% مقابل 30%) مقابل فعالية خالية للأردن، إذ سدد المنتخب 17 مرة على المرمى بينها 7 بين الخشبات الثلاث، مقابل 8 تسديدات للكوريين بينها صفر على المرمى.
وحصيلة هذه الأرقام تؤكد أن “النشامى” فازوا على “محاربي التايغوك” بالضربة القاضية، وما كتبه موقع “إم كاي سبورتس” المحلي يلخص المباراة، بأن رجال كلينسمان “جعلوا الأردن يبدو كالبرازيل.. وخسرت كوريا الجنوبية من دون حتى أن تقاتل”.